Wednesday, May 8, 2013

مصر و البريكس وصناعة التحدى، فى ظل التحول العالمى BRICS

كان لدى تركيا وقيادتها متمثلة فى مجموعة عمل طيب أردوغان هدفاً محركاً ملهما ورئيسياً، تحدى كبير لتنمية الاقتصاد التركى واعادة هيكلة الجهاز الحكومى وسستمة المنظومة التنموية بشكل شامل لتكون على Standards الاتحاد الأوروبى، فهو قد استغل فرصة امكانية التحاق تركيا بعضوية الاتحاد الأوروبى ليس لمجرد نيل العضوية بل لرسم خريطة تركية جديدة فى مجالات التنمية والاقتصاد والحوكمة والتجارة الداخلية والخارجية والتعليم والبحث العلمى، بهذا الهدف الرئيسى استطاع امتصاص كثير من المقاومات البيروقراطية والدولة الغويطة والحكومية والتجارية والسياسية، كان هذا هو الهدف المحرك الكبير للمجتمع التركى وراء أردوغان وفصائله المجتمعية من رجال أعمال وحكومة ومستثمرين وساسة، فبخطابه السياسى لتكون تركيا جزءاً من أوروبا استطاع تحييد جزء كبير من المجتمع الغير مشبع بالهوية الاسلامية ومكنه الهدف الملهم من اتخاذ سياسات قوية جداً وحازمة ضد الفساد الحكومى والحوكمة الرقمية واعادة الهيكلة للجهاز الادارى والتخلص من نفوذ المؤسسة العسكرية، وبالرغم من أن تركيا حتى الآن لم ولن تحصل على عضوية الاتحاد الا أنه قد استغل الفرصة بصورة ممتازة وحقق تجربة ملهمة لدول ناهضة مثل مصر.

نفس الفرصة تلوح الآن أمام مصر، كى تسعى لنيل عضوية اتحاد القوى الاقتصادية الصاعدة الجديدة والمسماة دول البريكس BRICS والتى تضم ( البرازيل – الصين – روسيا – جنوب أفريقيا – الهند )، واعادة هيكلة المنظومة التنموية الشاملة والحكومية والتجارية الداخلية والخارجية واسياسية لتكون محفزة للمجتمع والدولة ومناسبة لنيل العضوية، ومن الجيد أن لدى مؤسسة الرئاسة الاقتناع والنية بهذا السعى، وقامت بالزيارات الخارجية الضرورية للخمس دول.

مجموعة دول البريكس بدأت فكرتها فى التسعينات حيث توقع أكبر الباحثين الاقتصاديين بجولدمان ساكس البروفيسور جيم أونيل Jim O'Neill بأنه فى نهاية الربع الأول من هذا القرن 2030  سوف تتفوق الدول الأربعة الأتية ( البرازيل – روسيا – الهند – الصين ) على الاقتصاد الأمريكى نفسه عام 2030، وبحلول عام 2050 سوف تتفوق تلك الدول الأربعة على اقتصاد أكبر سبع دول فى العالم ( امريكا – اوروبا – اليابان ) G7 ، المصطلح كان اسمه وقتها ( بريك BRIC ) كرمزية لانتقال الثقل الاقتصادى العالمى من تلك الدول السبع الكبرى الى تلك القوى الجديدة الصاعدة الأربعة، تسعى تلك الدول لتقويض النفوذ الغربى الامبريالى اقتصادياً فى الدول النامية عبر مواجهة صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وكذلك لخلق شراكة بينها فى مجالات التنمية الشاملة والتصنيع والتكامل التجارى والتمويل ومراكز الأبحاث للتفوق على الاقتصاد الغربى، وتستهدف انشاء ( بنك التنمية لمجموعة البريكس ) كبديل عن الأدوات الامبريالية للاقتصاد الغربى ( صندوق النقد والبنك الدولى )، ودول البريكس هي أسرع دول العالم نموا حاليا وأقلها تأثرا بالأزمة المالية

ومع اندلاع الأزمة المالية العالمية وهبوط الاقتصاد الأوروبى والأمريكى بشكل كبير وصعود اقتصاد مجموعة دول البريكس بشكل أسرع من ذى قبل تأكدت فرضية جيم أونيل للواقع الحالى وللمستقبل، خصوصاً أن تلك الدول الخمسة مساحتها الجغرافية تمثل ربع مساحة العالم 25%، وكذلك عدد سكانها يقارب 40 % من سكان العالم ويكمن بها حجم مهول من الثروات الطبيعية والامكانات النفطية والطاقة الجديدة ويمثل اقتصادها الحالى 18% من الاقتصاد العالمى كما تستحوذ الدول الخمس على 15% من إجمالي التجارة العالمية وأكثر من ثلث السوق العالمي.

التطور التاريخى للمجموعة نشأ للتعاون الاقتصادى بين أربع دول حسب توقعات جيم أونيل للتحول العالمى ( الصين – روسيا – الهند – البرازيل ) فتأسست مجموعة البريك من تلك الأربعة، ولحقت بهم عام 2011 الدولة الأفريقية الصاعدة جنوب أفريقيا، وتم اختيار جنوب أفريقيا على حساب كل المتقدمين ومنها تركيا والمكسيك وكوريا الجنوبية ليس للاعتبارات الاقتصادية الآن فقط حسب جيم أونيل بل دخلت قواعد الجيوبولوتيك والجغرافيا السياسية فى الحسابات، حيث ان جنوب أفريقيا رأت الصين أنها مدخلها الضرورى والمهم للقارة الأفريقية فى ظل الصراع المحموم بينها وبين أمريكا وأوروبا للاستحواذ على موارد القارة وأهميتها الاستراتيجية من حيث الموقع الجغرافى لأنها تطل على المحيطين الأطلسى والهندى ولأن جنوب أفريقيا هى أكبر شريك تجارى للصين فى القارة.

الرابط الذى يجمع تلك الشراكة بين الخمس دول ليس الا شعارها الأخير فى القمة الأخيرة بجنوب أفريقيا (شراكة من أجل التنمية، والتكامل، والتصنيع) فليس هناك أجندة سياسية تجمع الدول الخمس ولا يجمعها غير التنمية والاقتصاد الا شئ مميز ومهم جدا وهو عدم انتماء تلك الدول ثقافياً الى منظومة الحضارة الغربية الحديثة أو منظومة العولمة ورفضها للهيمنة الحضارية الغربية الامبريالية فى دول العالم، ومع اختلافنا بالطبع مع تلك الثقافات الا أن ذلك نقطة مهمة جداً لصالح أمة تبحث عن النهوض وتعيش فى مرحلة يقظة حضارية تحاول أن تجيب عن الأسئلة الكيفية لصنع نموذج حضارى جديد وملهم ينقذ البشرية ويعيد الأصول لأصولها الانسانية الأولى.



0 comments: